مند مدة ليست بالقصيرة صدع السياسيون عندنا رؤوسنا
بالتنمية التي يسوقون لها , دون ان يتركوا لنا المجال لسؤالهم عن ماهية هذه
التنمية و لماذا ينمون و من ينمون , و هل سنخرج من حظيرة الدول النائمة النامية
التي سكناها منذ فجر النظام الاقتصادي العالمي , اذ لا نزال نائمين في الفقر و
الجهل و التخلف مع تصنع الحضر .
اليس حريا بكم يا من تفضفضون و تخرجون سموم نواقصكم
على اذان الفقراء و الجوعى ان تعلموا ان بناء الدول ليس بالكلام و ان التنمية سلم
للارتقاء بالإنسان و ليست اغنية حماسية لتوجيه القطيع , او رمز سري للولوج لعقول
الفقراء و قلوبهم .
تعالوا معي نتعرف على التنمية كموضوع فلسفي و
اقتصادي مهم و يشغل بال السواد الاعظم من البشر بحكم ارتباطه بحياة الانسان منذ
ولادته الى اخر يوم من حياته .
اولا لنتعرف على مفهوم التنمية و غاياتها و اترك
لكم بعد ذلك حرية المقارنة بينه و بين الواقع المعاش , اولا التنمية هي درجة من
التطور الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي نجحت بعض الدول دون الاخرى في الوصول
اليها , ومن هنا فلنرى حالة مواطن من دولة متقدمة و لنقارنه بحالة مواطن من دولة
متخلفة او نامية كدولتنا مثلا , محصلة هدا الفرق هو تماما ما نسميه التنمية .
ادن فالهدف من التنمية هو ان نجعل مواطني دولة
نامية بنفس المستوى المعيشي و الخدماتي و الاجتماعي و السياسي و الحقوقي لمواطني
الدول المتقدمة او بمستوى مقارب له على الاقل , مع تحفظ بسيط فيما يخص الخصوصيات
الثقافية و اللغوية و المجتمعية لكل دولة على حدة , فليست التنمية ان نتكلم كما
يتكلم السويديون او نلبس كما يلبسون او نأكل كما يأكلون , و لا ان نكون جزءا من
الولايات الامريكية ....
و هنا سنجد انفسنا امام سؤال اخر و هو لمادا ننمي
و مادا بعد ان نجعل المستوى المعيشي و الاقتصادي و الاجتماعي والسياسي لمواطني
دولة نامية مقارب لمستوى مواطني دولة متقدمة , هنا سيكون الجواب مبنيا على متلازمة
ان بدون تنمية يستمر التخلف , و باستمرار التخلف يستمر الفقر , و باستمرار الفقر
تنعدم كل المقومات اللازمة للحياة البشرية الكريمة , و تستمر معها الفوارق الرهيبة
بين البشر , و تزداد بالتالي الهوة السحيقة بين الفقراء و الاغنياء , و يستمر
الجوع و المرض في حصد الضحايا.
خلاصة
القول ان التنمية اجمالا هي وسيلة و ليست غاية , وسيلة نحو الارتقاء بمستوى
الانسان و الانسانية على جميع الاصعدة , وبالتالي فكل ما يؤدي للإضرار به جسدا او
روحا لابد ان يكون عملا معاديا للتنمية و لو ارتكب باسمها .
0 التعليقات :